2020/11/10 | 0 | 6212
من كتاب ( حكاية الينابيع ) ..
بفارغ الصبر ننتظر صدور كتاب ( حكاية الينابيع ) وهو عبارة عن توثيق سيرة ومسيرة ( منتدى الينابيع الهَجَرية ) من فكرة التأسيس إلى قمة النجاح ، وفي هذا الكتاب شهادات غالية ومهمة نسعد بنشر بعضها هنا لتشويقكم لهذا الكتاب الذي يحكي شطرا من ذكريات شعراء المنتدى الذين قاربوا المئتين و يقع فيما يقارب ثمانمئة صفحة من القطع الوزيري بملحق صور نادرة تنتظم أربعة عقود من اللقاءات والفعاليات .
و نبدأ بحكاية الأستاذ الشاعر والأديب ( زكي بن إبراهيم السالم ) بصفته من السبعة الذين حضروا اللقاء الأول للمنتدى نهاية عام 1407 هـ .
يقول الأستاذ زكي تحت عنوان :
( منتدى الينابيع وسنوات التجّلي )
( كنّا هناك حيث الإبداع فاتحٌ ذراعيه على مرافئ الجمال ليحتضن بضمّةٍ أزليّة تتكسّر فيها أضلاع الذكريات، فتتشظّى أحلامًا وخيالاتٍ رفّت على أكتاف ثلاثين ربيعًا هيَ عُمر تلك الذكريات والأماني الورديّة.
كنَّا سبعة جمعهم القدر؛ بل جمعهم الهمّ المشترك الذي أخذ بمجامع قلوبهم كي يخلقوا لهم رافدًا بل نبعًا ينهلون عذبَ زلاله ورقراق سلسبيله وصفاء نميره.
هنا ألحظ سؤالًا في أعينكم.. من هم هؤلاء السبعة؟!!
فإن كان لزامًا رصّ أسمائهم فهم الأحبّة: ناجي الحرز وأخوه حسين، والشيخان محمد الجاسم وعبد الله السعد، واليوسفان بوقرين والمشاجرة، وأنا.
هذا الحلم الذي ظلَّ يراودنا وينمو داخلنا كان مبعثه إحساسٌ بأنَّ كلا منّا يكملُ الآخر، هذا الشعور لم يكن دقيقًا بالنسبة لنظرتي للأخ ناجي الحرز الذي امتازَ عنَّا نحن الستة بطول التجربة ووفرة الخبرة، فقد سبقنا إلى عالم الشعر واكتوى بلهيبه ولَسَعَتْهُ نارُه قبل أن ننفخ في رمادها.
كنت أعرفه شاعرًا قبل أن أصافحه جسدًا، فقلت -وأنا أعيش هذا الظمأ الملتهب للمعرفة-: لِـمَ لا أقرب مـن هذا الشاب وأستفيد من تجربته وأجنّح ضمن سربه، فلعلنا نحلِّق في أفق الإبداع سويًّا.. وهذا ما كان.
كنتُ أوّل من أسرَّ له صديقي ناجي بفكرة تأسيس تجمّع يضمّنا ، ساعتها كدتُ أطيرُ فرِحًا وكيف لا وأنا أرى حلمي ماثلًا أمامي، وهنا انتظم عقد أولى جلساتنا وفيها بدأنا نضع خطوطًا عريضة تؤسِّس لهذا التجمّع، فقد اتفقنا بادئ الأمر أن تعقد الجلسة مرةً كل أسبوع وظهر الـخـمـيـس تـحـديـدًا وفي الثانية والنصف بصورةٍ أدق، وأمّا المكان فقد تمَّ الاتفاق أن تعقد بيننا بالتناوب (ولاحقًا كان منزل العزيز ناجي محط رحالها الدائم).. أخونا الجميل عبدالوهّاب أبو زيد لم يمهلنا طويلًا إذ كان أوّل المنضمّين لنا.
بدايةً كان الاستماع لجديد الأعضاء هو السِّمة الرئيسة، فقد كان كل عضوٍ يصطحب معه آخر إنتاجه ليضعه أمام النقد، فكان يتلقّى ما يستحقه إنْ مدحًا أو تقويمًا أو توجيهًا أو ما شابه ذلك، إلاّ أنّ الثابت لديه أنَّ النقد مهما كان عنيفًا وقاسيًا فلا يعدو كون الارتقاء بالنصّ هو الهدف المنشود، حتى أنَّ كثيرًا من نصوصي في تلك الفترة وهيَ تعيش مخاضها كان ناجي أو عبد الله أو الشيخ محمد وكذا البقيّة ماثلين أمامي وأرى أصابعهم وتغضَّنَ وجوههم ماثلةً هيَ الأخرى لتردعني عن كلمةٍ هنا أو فكرةٍ هناك.
الله.. الله ما أجمل تلك الأيام وما أعبق تلك الذكريات، أحيانًا يكون الصوت عاليًا والنقد مؤلـمـًا، ولكنه كمشـرط الـجـرّاح يؤلـمـك لـيـداويـك؛ ويجرحك ليشفيك هذا ما كنّا نشعر به.
قد أتهم بالمبالغة وبمجانبة الصواب وخلق صورةٍ ملائكيّة، ولكني أتحدّث عن واقع، فعندما أتعلّم أني أستقي هذه الذكريات مما كنت أدوِّنه في مذكراتي اليوميّة أوّلًا بأوّل -وهيَ عادةٌ جميلة دأبت عليه منذ عام 1983م وما زلت أعيشها حتى هذه اللحظة- وهنا لن تستغرب كيف استرجع جزئيّات ما كان يجري.. وبحق أني وإن صافحت الشعر قبيل تشكيل هذا المنتدى إلا إنَّ بدايتي الفعليّة والحقيقيّة انطلقت وانتظم عقدها في ظلّه، وأسجّل هنا شهادةً سمعتها مشافهةً من أخي ورفيق دربي ناجي الحرز والذي تعانق مع الشعر قبل المنتدى بخمس عشـرةَ سنة وهو يصـرُّ أنَّ انطلاقته الفعليّة بدأت معه وفي ظلّه وللتاريخ أيضًا أنَّ هذا الخاطر سمعته من البقيّة.
في سنته الثالثة وبالتحديد عام 1990م انضمَّ إلينا المبدعان الصديقان جاسم الصحيّح والسيد علي النحوي، ثمَّ توالى الشعراء ينضمّون للمنتدى تباعًا، وفي سنوات سبع أصبحَ فيها المنتدى يضمُّ نخبة شعراء الأحساء.
ولو عدنا لسني المنتدى الأولى فقد أدخلنا على فقراته بعضًا مما كنَّا نظنُّ أنَّ له مساسًا بالشعر كالدراسات النقديّة، ومنها ولدت فكرة مناقشة قصائد لشعراء كبار واستعراض ما بها من جمال أسلوب ودقّة معنى ووضوح دلالة لتخلق لنا هيَ الأخرى رافدًا جديدًا وبابًا نلج منه في عالم الشعر، أيضَا اقترحَ ناجي أن تكون لنا وقفة تفسيريّة للقرآن الكريم، فتولّى هوَ هذه الفقرة، وفقرة أخرى نستعرض فيها ما يستجدّ من قصائد لشعراء من خارج المنتدى، وهذه الفقرة ساهمت في اطلاعنا على تجارب جديدة وتعريفنا بشعراء مجنّحين ساهموا في قابل أيامهم في إنجاح المنتدى.
لـم يـكـن الطريق مـفـروشًا بالورود دائمًا بـل كانت تـخـلّـلـه تعرّجات وانحناءات، فأحيانًا ينشغل البعض فتتأخر الجلسة أو تلِحُّ الشواغل فينقطعوا عنها، لكن هذا لم يدم طويلًا لعلم هذا المجترح أنَّه سيغدو بين مطرقة التعنيف المنثور وسندان اللوم المنظوم، وأتذكّر هنا أبياتًا من قصيدةٍ للأخ ناجي يعاتب فيها متخلِّفين عن إحدى الجلسات:
وأجدنـي هـنـا مُـقِـرًّا بـتـقـصـيـري تـجاه مـنـتـدايَ وحاضنيَ الأوّل، لعل للمشاغل والبعد (الدمّامي) دورًا في ذلك، ولكنّي وإنْ غبت عنه جسدًا أحيانًا، إلّا أنَّ روحي وقلبي حاضران معه في كلّ الأحايين حبًّا وانتماءً، وبهجةً وافتخارًا لِما وصل له من نهضةٍ وارتقاء.
الذكريات كثيرة، والصور الرائعة أكـثـر، وحـلـو أيّـامـهـا أعـمـق، ولـعـلّ القادم من الأيّام يسمح بما هو أغزر وأجمل من تلك الصور التي رافقت فترة تأسيس هذا المنتدى الرائد.. والذي أصبح اليوم -وبعد مرور ثلث قرن من عمره الزاهر- أهمَّ وأنضج المنتديات في المنطقة، فهو يضمّ اليوم أبرز شعراء الأحساء، إذ لا تجد شاعرًا أحسائيًا يشار له بالبنان أو يومأ له بالأكفّ إلّا ولمنتدى الينابيع الهجريّة فضلٌ من قريب أو بعيد عليه، حيث أصبح اليوم واحدًا من أهم معالـم الأحساء الثقافية إن لـم يكن أهمّها على الإطلاق.
فالحلم الذي تلقّفته جوانحنا ذات إشراقةٍ أدبيّة؛ واحتضنه وَعْيُنا الصغير في لحظات تجلٍّ إبداعيّة، والأمل الذي نشأ وترعرع وشبَّ داخلنا قبل ثلث قرن نعيش الآن مرحلة نضجه، وبلوغ أشدّه، وعبوره لُجَجًا عاتية في رحلته اللاهثة للوصول إلى قمّة التألق والسمو.
فتحيّةٌ من الأعمـاق لـهذا الصـرح الكبير، وهذا البناء الشامخ، ومثلها لرائدِهِ ومؤسِّسه وصاحب فكرته وبانـي نـهـضـتـه الـصـديـق ناجي بن داود الحرز، الذي لولا همته، وحركته الدؤوبة، ورعايته الأبويّة لكل ما اتصل بالأدب والإبداع من قريبٍ أو بعيد، لما كُتِبَ لهذه البذرة أن تنضج، ولا لنضوجها الاستمرار نموًا وتدفّقًا وعطاءً ). إنتهى كلام الأستاذ زكي
جديد الموقع
- 2024-11-22 عادات قرائية مفيدة
- 2024-11-22 مع أن الأديان تتحدث عن قيمة التواضع الفكري، لكن قد يصعب على رجال الدين بشكل خاص تطبيق ما يدعون إليه الناس
- 2024-11-22 يرجع الفضل في استمرارك في تذكر كيف تركب دراجتك الهوائية إلى منطقة المخيخ في دماغك.
- 2024-11-22 نظرة على البنوك في المملكة.
- 2024-11-22 المخرج الشاب مجتبى زكي الحجي يفوز بجائزة أفضل مخرج في مهرجان غالاكسي السينمائي الدولي35
- 2024-11-21 توقبع اتفاقية شراكة بين جمعية أدباء بالاحساء وجمعية هجر التاريخية
- 2024-11-21 أمانة الاحساء تُكرّم الفائزين بــ ( جائزة الأمين للتميز )
- 2024-11-21 سمو محافظ الأحساء يبحث مع معالي وزير التعليم خطط ومشاريع تطوير التعليم في المحافظة
- 2024-11-21 «الغربة باستشعار اللون».
- 2024-11-21 البيت السعيد
تعليقات
زكي السالم
2020-11-11وما زالت للينابيع حكايا كثيرة مكتنزة بالإبداع والتألق محفورة بالألق على شفاه من سطر ملحمتها الأولى من المبدعين الذين حملوا على أكتافهم فكرة النهوض بهذا الصرح الكبير ، وكذلك مَن تشرف بالانتماء له لاحقًا . الينابيع الذي كان له الدور الأهم في تشكيل الحركة الإبداعية في الأحساء ، وقلتُها قبلا وما زلت : إنك لن تجد شاعرًا أحسائيًا يشار له بالبنان وإلا وقد مرّ بالينابيع ، وغالبًا أطال المكث فيه ونهل من معينه . كلنا بلهفة الشوق في انتظار هذا السفر الجميل ( حكاية الينابيع) الذي يوثق هذه المسيرة المباركة . فكل التحايا لأخينا وصديقنا الأكبر إبداعًا @ناجي الحرز مقدرين جهده الكبير في قيادة دفة هذا المنتدى فكرةً وتأسيسًا ورعاية واحتضانا .
ناجي بن داود الحرز ـ شاعر من الأحساء
2020-11-11أنت أحد شركائي الأساس في هذا المشروع الحضاري الضخم .. فمنذ تشرفتُ بالدعوة إلى تأسيس هذا المنتدى كنت أنت أول الملبين و كنت الوزير والمساعد والمساند والداعم بكل ما أوتيتَ من حب .. و هنيئا لمن كنت أنت له أخا ووزيرا و مساعدا .. كل الحب و جزيل الامتنان لك .